بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 24 أبريل 2008

أطفال للبيع ... بثمن بخس


لنعد إلى اطفالنا فى تشاد. لم يكونوا أيتاما فيما يبدو، بل أبناء عائلات فجعت بفقدهم وبحثت عنهم دون شك وربما توقفت في لحظة ما عن البحث خوفا من أن يكون اختفاء أبنائها "ضرورة وطنية". هل بحثت عنهم حكومة ديبي؟ ماذا فعلت من أجل أقرانهم منذ تسلم الجنرال ديبي الحكم بعد انقلاب ديسمبر 1990؟ ماذا فعلت من أجل آبائهم وأمهاتهم الذين تطحنهم الأمراض والمجاعات والحروب؟ إدريس ديبي في الحكم منذ حوالي العقدين، ولا يبدو أنه يعتزم الرحيل قريبا. فقد نسج علاقات مصلحة قوية مع الشركات الأمريكية المستثمرة في بترول تشاد وانخرط إلى جانب البنتاغون في الحرب على الإرهاب مغازلا في الوقت نفسه طرابلس والجزائر. ما هو دور هذه المعطيات في تمسك القوى الكبرى بحكم إدريس ديبي وغضها الطرف عن انتهاكاته لحقوق مواطنيه وقمعه الصحفيين وتزييفه للانتخابات (1996 و2001) واستغلال الحرب الأهلية لتصفية معارضي حكمه؟ إنه يشعر دون شك أنه يقوم بدور مهم وأنه لا يمكن التخلي عنه.لننظر الآن للأمر من زاوية أخرى. لو قدر لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا بالرغم عن سوء التغذية والأوبئة والحروب وبلغوا سن الشباب، هل سيشكرون ديبي أم سيلومونه؟ أغلب الظن أنهم لن يكونوا سعداء هم وعائلاتهم. فقد حرمهم من حيث لا يدري من فرصة الانتقال إلى "الفردوس الأوروبي" بعد أن كادوا يصلون إليه لبداية حياة جديدة. سيتوجب عليهم أو على بعضهم آنذاك أن يدفعوا لوسطاء الهجرة السرية من أجل قطع نفس المسافة، وربما انتشلت جثث بعضهم في الأطلسي أو في المتوسط. سيكرهون إدريس ديبي أكثر وأكثر وسيرون أنهم كانوا عملة مقايضة سياسية تتجاوز أحلامهم الصغيرة وأنه باعهم بثمن بخس من أجل مصلحة نظامه. لينتظر أهلهم الآن وقد وقع ما وقع أن تعمل المؤسسات. سيهتم القضاء بالأمر كما كان يفعل دائما. لقد أقسم ديبي أنه لن يتدخل في عملهم. ومن يعرف ديبي يعلم أنه "الصادق الأمين" الحريص على مؤسسات دولة المؤسسات. ألم يخطب في التشاديين عند دخول قواته إلى نجامينا في ديسمبر 1990 أنه "لم يأتهم لا بالذهب ولا بالفضة وإنما بالحرية"؟في الوقت نفسه بدأ الوسطاء، الذين فقدوا آخر ذرة حياء، يعرضون خدماتهم مستندين إلى "نجاحاتهم" السابقة، عندما شغلوا شعوبهم بقضية مشابهة للوصول إلى أهداف مشابهة. أما الأوروبيون، فلا يمكن أن نتوقع منهم أن يحترموا ذلك القضاء، وسيدخلون اللعبة ويمزجون الضغط بالترغيب مثلما يحسنون فعل ذلك دائما. أما الأطفال، يتامى دولهم وحكوماتهم، فسيعانون ويموتون طيلة حياتهم، صغارا وشبانا وكهولا، جوعا أو غرقا أو حربا أو بالإيدز،وما بدلوا تبديلا..

ليست هناك تعليقات: